سكان صحراء الجلفة يستغيثون / قطارة "مقبرة أحياء "و البويقلة "قطعة عذاب "
السبت, مايو 11, 2013 // 3 التعليقات // خالد بشار // القسم: تحقيقات //
الدخول الى صحراء الجلفة ورؤية معاناة أهل "البويقلة " و"قطارة " يجعلك تطرح سؤالا واحدا ، أين ذهبت الملايير في سنوات سابقة ؟، فأحلام سكانها اليوم لم تصل الى حقوق المواطن لأنك حين تتحدث مع شبابها وتعيش ساعات مع أهل البويقلة وقطارة ستتساءل عن حقوق الانسانية (؟) ، بالمقابل فالمنطقة تتوفر على مؤهلات اقتصادية و سياحية ستحولها إلى قطب سياحي يجني الملايير ويقضي على عشرات المشاكل لو توجهت اليها ضمائر المسؤولين قبل عقولهم .... فعلا انها المأساة و المفارقات التي وقفنا عليها في رحلتنا الى صحراء الجلفة .
لم نتخيل حين قررنا التوجه الى بلدية قطارة 240 كم عن مدينة الجلفة أن نجد ما رأيناه في طريق يمتد على مساحة شاسعة من الاراضي ،تبدأ فيه فصول المعاناة حيث إنعدام تغطية الهاتف النقال و غياب محطات توزيع البنزين على مسافة 170 كم انطلاقا من مدينة مسعد ،رغم أن الطريق صار منفذا هاما يسلكه الموالون و القادمون من الصحراء، يقول مرافقونا ان كل محاولات الخواص من أجل فتح محطات قابلتها عراقيل إدارية و صعوبات ضاعفت من مأساة مستعملي الطريق وفرضت العزلة على سكانها و حصارا على الموالين ،و يُضيف "م ،ط" مواطن من المنطقة ان" الطريق صارت شبحا لا محطات لا تغطية و لا هم يحزنون " ،و بذات نبرة الحسرة يُجمع السكان ان وضعية الطريق "قضية "أما المسالك الريفية فهي صفحة اخرى من حكايات الحصار المضروب لأن اهل المنطقة موالون و متوزعون و من الصعب الولوج الى أقرب مكان للتداوي او لقضاء حاجياتهم.
وحدها الصدفة من جعلتنا ندخل قرية البويقلة "ليلا" ، لنرى مشاهدا لم نستطع تحملها لساعات فما بالك بأهل "البويقلة" ،الظلام الحالك يُخيم على القرية بسبب غياب الكهرباء في المنازل و الشوارع، و في منازل أخرى يفضلون الشموع بسبب ضُعف الكهرباء ، يقول السكان أن مشروع إنجاز مولدين كهربائيين يعرف تأخرا كبيرا بسبب تلاعبات شركة "سونلغاز الجلفة" المكلفة بإنجاز مولدين كهربائيين لم ينطلق بهما الانجاز في وقت انهت سونلغاز غرداية من انجاز مولدين ببلدية قطارة رغم أن المشروع تم تسليمه في نفس الوقت(؟) ، وأضاف مسؤولون محليون أنه رغم تدخلاتهم إلا أن مصالح سونلغاز و عدتهم بمتابعة الأشغال منتصف شهر ماي (؟)، ...في نفس الحي 250 سكنا "تم إنجازهم قبل أربع سنوات في إطار برنامج السكن الريفي" التقينا مواطنين و دخلنا سكناتهم حيث لا كهرباء منذ سنوات و لا قنوات صرف المياه و أكثر من كل هذا لا طرقات و لا تهيئة ، سألناهم عن حالهم فأجابونا بالدموع و الغضب "عن أي حال تسالون، انتم ترون ، منذ سنوات لا كهرباء ولا ماء و لا مسؤول زارنا يسأل عن حالنا سوى هذا العام، لقد كنا نخاف ان نقول نريد ماء فكيف نطلب كهرباء ؟ " .
المفاجأة الكبيرة كانت تنتظرنا في الظلام الحالك ونحن نتجول بشوارع بويقلة حيث لا تهيئة ولا هم يحزنون و من الصعب التجول فيها بسبب وضعيتها ، أين رأينا احد الموالين بشاحنته يُورد الماء رغم ان اللوحة كتبت بالبند العريض "ماء غيرصالح للشرب " ، كنا نعتقد ان الماء للاغنام لكن المصيبة أنه من أجل السكان ، يقول الموال" هذا الماء نشرب منه نحن و أغنامنا ، ماذا تريديون ان نفعل لا يوجد ماء هل نموت عطشا؟ " ، منظر الماء كان كارثيا حتى للأغنام فمابالكم ببشر ؟ .
العقارب تحاصر الأطفال ، والحوامل يعيشن العذاب (؟)
قصة الأموات في منتصف الطريق بسبب "العقارب" و قصص " النساء الحوامل" اللواتي فقدن اجنتهن في ظل غياب التكفل بهم مع غياب مسالك للوصول الى العيادة الطبية بقطارة،هي يوميات السكان و أخبار ألفها معظمهم ،و اكثر من ذلك جعلتنا تصاب بدهشة كبيرة من أرقام الموتى "15 كل عام"نتيجة لدغات العقارب، عكس ما صرحت به مديرية الصحة لان أهل البويقلة يموتون في صمت دون إحصاء (؟)،.....هناك في الصحراء حيث صار الموت "أمرا عاديا" ..،اكتشفنا في البويقلة اننا في عالم مظلم يروي مفارقات مثيرة ،في جلسات متفرقة مع من فقد ابنا قبل خمس سنوات بعد لدغة عقرب و هو يصف بألم " لم نجد اي سيارة لنقله ،و قاعة العلاج لا تتوفر على مناوب و لا طبيب ،الله يرحمه، ماذا نفعل؟ "، و ليس بعيدا عنه كان طفلا آخر ضحية "كلب " هاجمه و لا يزال يخضع للعلاج و يتنقل كل أسبوع بسبب الوضعية الكارثية لقاعة العلاج التي وجدناها مغلقة و خالية على عروشها سوى سيارة اسعاف مهترئة لا نعرف سبب تواجدها دون استعمالها ؟.
أكثر من 5000 منسي دون وثائق ..و التربية مأساة أخرى
من كثرة مشاهد البؤس التي رأيناها نسينا أن نسأل عن التنمية والتربية و حال التلاميذ إلا حين التقينا أحد المعلمين الذي وصف لنا وضعية المدرسة ،حيث أكد لنا أن المؤسسة تعيش وضعية مؤسفة بسبب الاكتظاظ في الاقسام " 50 تلميذا في الحجرة " ويضيف :" لمدة 13 سنة نعيش و نحاول تقديم الافضل لكن كل شيء منعدم في غياب سكنات وظيفية للمعلمين الذي يتنقلون لمسافات بعيدة جعلت الكثير منهم يهرب نتيجة ما رأى و عانى ، ناهيك عن نقص التاطير في بعض المواد "، في ذات الجلسة كشف محدثونا عن قضية المنسيين و غير المحصيين حيث يقول مرافقنا أنهم في حدود 5000 شخص بسبب التعقيدات الادارية و عدم تسجيل معظم عقود الزواج ، ورغم محاولات بعض المسؤولين الا انها باءت بالفشل بسبب بُعد الادارة و ثقافة السكان و أسباب أخرى ، وان كان سكان البويقلة في حدودالاربعة الاف نسمة بحسب الاحصائيات فإن الواقع يؤكد انهم أكثر من 10 ألاف نسمة .
طيلة الساعات و الجلسات لم نكن نبحث عن حقوق المواطنة و مقتضيات العيش ، بقدر بحثنا عن "الإنسانية" فالدموع لا تفارق محدثينا نتيجة ما وصفوه بالظلم والحقرة و "ما خفي فهو أعظم" في أماكن لم نستطع الولوج اليها بسبب المسالك الوعرة "بل أصلا غير موجودة" حيث لم تطأها قدم مسؤول و لا ضمير مُنتخب في زمن سابق ، في هذا أكد لنا السكان ان حال الموالين في المناطق المعزولة من يوميات العذاب وانعدام المسالك وسط المساحات الشاسعة تجعلهم يموتون يوميا في صمت و يرون اطفالهم يتألمون دون أن يجدوا حلا او مسؤولا او طريقا لنجدتهم "، يضيف السكان "كل ما نريده مسالك ريفية لفك العزلة عن إخواننا، وتوفير الماء بإصلاح الابار في مختلف النقاط التي يمر بها الموالون ، وتوفير الكهرباء ليس لنعيش مثل باقي المواطنين لكن من أجل ان نتفادى العقرب " .
رسالة من سكان قطارة:
حتى نكون اوضح فان " البويقلة "و "قطارة" عالم مختزل لا تعنيه تنمية ولا عيش كريم ، لكنهم بشر رائعون لا يزال الشباب فيها رغم كل ما سردنا و رأينا يتمسكون بوطنيتهم ،...هو موقف آخر جعلنا نؤمن أن هؤلاء الشباب يستحقون وفدا وزاريا للنزول ، "نداء" هو أقل ما نقدمه لشاب قاطع زميلا له في جلسة الحديث حين قال من شدة قنطته " نحن لسنا بجزائريين " ليقاطعه " لا نحن جزائريون " لكن من حقنا العيش ومن حقنا العمل " بعبارات اليأس يضيف:" اليوم فقط صرنا نعرف أن هناك مسؤولا و امنيتنا الحديث معه في طاولة واحدة "،...اتعرفون معنى كل اللاإنسانية ويوجد قلب رحيم مثلهم(؟) ، ، صراحة لم اتحمل رسالتهم و هم يؤكدون علينا كتابتها و من شدة عزلتهم و هروب المسؤولين منهم في وقت مضى لم يعرفوا من نكون ،مجموعة من الشباب قاطعوا جلستنا في الظلام الحالك "كنا نجري نبحث عنكم " ..و البقية افهموها ،...هذه هي أمنيات شباب بويقلة و قطارة رغم كل الحرمان والظلم والحقرة ، ورغم الواقع "اللا إنساني" الذي عايشناه في يوم واحد ،كان يكفي ان نعرف أن في الجلفة "بشر" خارج مجال الحياة ، يبيتون دون كهرباء ويشربون مثلما تشرب انعامهم .
خالد بشار وليد
نجاة للصحافة : بطاقة هوية
خالد بشار وليد صحفي مختص في التحقيقات شؤون العدالة تاريخ ومكان الازدياد : 17/05/1978 بالجلفة الشهادات الأكاديمية/ ليسانس في العلوم القانونية والإدارية من جامعة البليدة سنة 2000 شهادة الكفاءة المهنية للمحاماة من جامعة البليدة سنة 2001 /الإجازات الأكاديمية مذكرة تخرج بعنوان الإعلام كسلطة رابعة * دراسة تحليلية لواقع و أفاق الإعلام في الجزائر * بدرجة ممتاز مع تقدير اللجنة الخبرات السابقة / سنة 1998* مراسل من جامعة البليدة لجريدة الواحة الجزائرية سنة 2002* صحفي محرر بجريدة الواحة الجزائرية المكتوبة و الالكترونية 2003* صحفي مكلف بالتحقيقات والقسم القانوني بجريدة الواحة الجزائرية. * 2008*صحفي بأسبوعية الديار الجزائرية مكلف بالتحقيقات و عمود أوراق محقق صحفي بأسبوعية الخبر حوادث *ملحق الخبر الأسبوعي* صفحة توتير قيد الاعداد تابع جديد المدونة صفحة الفيس بوك قيد الاعداد نسعد بتلقي مراسلاتكم لا تترددوا بمراسلتنااقرأ المزيد من المواضيع في هذا القسم
3 التعليقات على هذا الموضوع
علق على الموضوع
الحزن القاتل في الشرق
مرت سنة كاملة بأشهرها ، أياما ،و ساعاتها على وفاة الشيخ الامام الجابري بولاية تبسة ، ولا أعرف هل اقول "وفاة " أم اغتيالا أم "قتل مع سبق الاهمال و اللامبالاة"،سوى ان الحقيقة الثابتة أنه رحل عن أولاده وزوجته و ترك لهم تركة كبيرة ، ليست مالا و لا عقارات بل "أحزان ".... وحقيقة مرة لا تغدو سوى ان تكون "وصية" كتبت بخط الروح المتعذبة بالمآسي عنوانها " ابحثوا عن وطن " ،أنها تركة ووصية لا يفهمها الغاوون و لا المتملقون بل يفهمها أصحاب الضمائر الحية الذين اكتتووا بفساد هذا البلد و هم لا يستطيعون العيش بالفساد و مال الحرام و دون ضمير ولا أخلاق و لا يحتملون التملق من أجل كسب حقوقهم.
.تتمة الموضوع
غير معرف
5 أغسطس 2013 في 2:40 ص
لا حولا ولا قوة البلاه
غير معرف
5 أغسطس 2013 في 2:45 ص
لااله الا اله
غير معرف
20 نوفمبر 2013 في 3:34 م
الاه اكبر