تجربة و دروس .. وجلسة مع صحفيين كبار
الأحد, مايو 15, 2011 // 1 التعليقات // خالد بشار // القسم: هموم شخصية //..منذ كان صغيرا كان يعشق الصحافة و يعشق الكتابة و يرتاح حين يساعد الآخرين ، و من أيام الجامعة زمن الإرهاب الأعمى كان يكتب و يكافح ايمانا بأن الكتابة هي السبيل الوحيد لمساعدة الآخرين في زمن كثر فيه الظلم والحقرة بعدما ذاق شعبه الإرهاب والدم و الخوف من المجهول ، ...مثل أي جزائري وجامعي عاش تجربة الخدمة الوطنية حين أعفى رئيس الجمهورية عن الكل إلا الجامعي بسبب بغضه وكرهه للعلم وللجامعة .... بدأت مسيرته الإعلامية مع جريدة جهوية عانت ما عانته من الإرهاب و الحصار لكنها كانت مرآة المجتمع، ليتعلم فيها فنيات التحقيق و البحث عن الحقيقة وما وراء الحقيقة ،...عاش أحداث الفتنة بعمق البحث عن الأسباب والمسببات بعدما غطتها الصحافة بلغة الإثارة والفتنة و البحث عن التحريض والسبق ...دخل عالم المحاكم قبل ان تلتفت إليه الجرائد لأنه كان يراها مصدر معلومات و مكانا للمظالم ، ليدخل التحقيقات و التغطيات بلغة أعجبت كل من اطلع عليها لكن عانى من هذا الإعجاب بالتهميش تارة و بهضم حقوه تارة أخرى
يروي لي هذا الصديق أن كاتبا شروقيا ترأس تحرير جريدة أسبوعية كبيرة ، وعده ان يسوي وضعيته بعدما طلب كل تحقيقاته ، وفي جلسة التعارف جاءت صحفية ودخلت المكتب ودون أدب ولا احترام قاطعت الجلسة و وضعت نصف جسمها بكسوتها العارية على حد قول عادل إمام على المكتب وأنزلت صدرها لتطلب رقم هاتف رئيس التحرير ، وبكل وقاحة و دون أي رد قدم لها الهاتف وكأنها اشارة لجلسة غرامية ، ..في عز الحديث عن التحقيقات وما عاناه هذا الصديق من تهديدات رغم أنه مجرد متعاون ، قال رئيس التحرير أنها مغامرة تشبه الجنون و نصح صديقي بالكتابة عن القشابية بدل الكتابة عن الفساد والتحقيقات ..بعد أيام تم شطب اسمه من الجريدة ليأتي بأسماء مبتزة تكتب بمقابل وتبتز رجال الأعمال والمقاولين في صفقة جديدة عقدها رئيس التحرير مع هذا المراسل ، ..يكمل صديقي بعد ايام أرسلت له سيرة مزيفة ووضع فيها صورة لامرأة جميلة مع اقتراحات قدمها الزميل ورفضها رئيس التحرير لكن هذا الأخير رد على الايميل بسرعة البرق مرحبا ومتشرفا وقابلا و واعدا بالتوظيف رغم أن الجريدة على وشك الإفلاس ....صدمة الزميل كانت كبيرة لأنه واقع مر لرؤساء تحرير يريدون ان يحولوا قاعات التحرير الى قاعات مواعيد عاطفية .
تجربة أخرى بعد غلق الجريدة عاشها الزميل مع مدير تحرير الجريدة التي أعلنت افلاسها ، ففي حوار فايسبوكي مع مدير التحرير غضب صديقي عن حقوقه فسمع ما سمع من مدير التحرير الذي اعترف ان الصحفي الذي جاء به رئيس التحرير قد ابتز امراة باسم الجريدة طالبا 20 مليون سنتيم ، وقال مدير التحرير أن المرأة قدمت الى الجريدة كل الأدلة .....انبهار الزميل كان كبيرا لأنه حذر من هذا الصحفي ورغم هذا لم يستمع اليه أحد ، ...في عز الحوار اعترف مدير التحرير بكفاءة زميلي الصحفي و بنزاهته و معاناته مع التحقيقات ...اعتراف متأخر لأن نفس الشخص هو الذي كان يعرقل صديقي ....؟
آخر التجارب مع اسم كبير وصحفي يعترف له الجميع بأنه محترف و موضوعي ، أسس جريدة جديدة هذه الأيام و كان يعكف على جلب أحسن الأسماء و أكفئها طوال مدة عام قضاها في التأسيس للجريدة رفقة اسم آخر معروف عن تجاربه الكثيرة وله الفضل في تأسيس عدة جرائد ....صديقي اتصل بمدير النشر و أرسل سيرته و مقالاته وتحقيقاته لكن المفاجأة أن الصحفي الكبير و الذي كان يراه زميلي قدوة و قمة في الأخلاق انتقد كل تحقيقاته و جعل منها مسودات فقط ...وحمله كل المسؤولية ومارس معه كل النظريات الصحفية ...الزميل اصطدم كثيرا في هذا التنقيب و تشرف كثيرا بنصائحه لكن فهم ان الأمر يعني لا توظيف في جريدتي لأنك لست في المستوى.... والسؤال الغريب الذي ظل يدور في ذهني الزميل لماذا أنا بالذات يدقق في ملفي و تحقيقاتي ؟ ولماذا انا بالذات تنتقد تحقيقاتي ؟ ..ربما لأني اخترت الطريق الخطأ ..هكذا كان يقول دائما ..... أخطأت وكان من الأولى أن أطلب توظيفا في أي قسم بصفتي مبتدئا ولا أقدم تلك المقالات و لا أتحدث عن الفساد حتى لا أتحمل ضريبة كل تحقيق ...و أتحمل مصاريف كل تنقيب ورحلة البحث عن المعلومة ....كان يقول كان من المفروض أن أغطي الأخبار مثلما يفعل الآخرين و أكتب عن تقارير الوزارات والمجالس والهيئات ووكالات الأنباء والملتقيات حتى أضمن وظيفتي ....كان من المفروض ان لا ازكي نفسي كصحفي يبحث عن الحقيقة لأن رؤساء التحرير لا يعرفون كيف نعاني حتى تتحصل على ملف او معلومة ......هم جالسون في مكاتبهم الفاخرة و نحن لا نملك حتى بطاقة صحفية لنقدمها لمصادرنا حتى نثبت هويتنا ....ولا نملك حتى مصاريف تنقلاتنا للوقوف على الحقيقة كي تكون مؤكدة.......
كان يقول دائما خطئي اني أحب الصحافة و لكن كي تنجح فيها يجب أن تكون بعقلية الآخرين لا تحب المهنة و لا تعشق الحقيقة ولا ترضى بكتابة موضوع حتى تأخذ مقابل .....هكذا يريدون ؟ كان يقول من المفروض أن اكتب عن الثقافة وأحاور أشباه المغنيين و الشعراء وآخر انتاجاتهم ...مثلما يفعل الصحفيون الناجحون ...لأنك حين تتحدث بخوف من أن تخطئ أو ان تحب الجديد و المثالي و الحق ...أو تطبق نظريات الصحافة الاستقصائية وتطور معارفك فحينها انت تحكم على نفسك بالموت والعدم ॥وسيجدها الآخرون فرصة لقتلك أو استغلالك مقابل لا شيء ....؟
جلسة زميلي مع مدير نشر اليومية الجديدة كانت خاتمتها شرط واقف قدمه المدير للزميل ، شرط غريب على حد قول الصديق مفاده قم بتحقيقين أو ملفين بالوثائق والمعلومات و الأدلة مقابل التوظيف في الجريدة ، وكأن الزميل يعمل في المخابرات او الامن؟....شرط علق عليه صديقي بأنه مستحيل فهو متوقف منذ أكثر من عام و التحقيقات المطلوبة تحتاج للتنقل والبحث والوثائق تحتاج الى مصادر تثبت هويتك حين يعطوك المعلومة ، لكن المدير لم يحسب كل هذا لأنه ببساطة شرط تعجيزي .....والدليل أنه بعد أيام من ذلك وفي كواليس الجريدة تم توظيف صحفية كرئيسة قسم المحاكم التي لا تعرفها ولا تفرق بينها وبين المجالس والولاية ، وبعدها بأيام تم توظيف زميلات عملن مع صديقي وكلهن يعترفن بكفاءته
تجارب الزميل القاسية في عالم الصحافة وجلساته مع كبار الصحفيين و رؤيته لقاعات التحرير التي لا يهواها ولا يحبها كشفت للزميل ان أحسن طريقة للنجاح في الصحافة هي ان تكون قذرا أو قليل تربية وأصل، أو أن تكتب عن الثقافة و التغطيات والملتقيات وتقارير وكالات الأنباء لأنك حين تريد التميز والتعب فإنك ستتحمل كل عيوب الصحافة وستطبق عليك كل النظريات الفاشلة و يطلب منك هؤلاء المستحيل ....لأنهم ببساطة لا يجيدون ما تفعل ولا يعرفون الطريقة و الأسلوب و عواقب ما تفعل وكم تخسر ،كم يقدرون حقك ......
.
نجاة للصحافة : بطاقة هوية
خالد بشار وليد صحفي مختص في التحقيقات شؤون العدالة تاريخ ومكان الازدياد : 17/05/1978 بالجلفة الشهادات الأكاديمية/ ليسانس في العلوم القانونية والإدارية من جامعة البليدة سنة 2000 شهادة الكفاءة المهنية للمحاماة من جامعة البليدة سنة 2001 /الإجازات الأكاديمية مذكرة تخرج بعنوان الإعلام كسلطة رابعة * دراسة تحليلية لواقع و أفاق الإعلام في الجزائر * بدرجة ممتاز مع تقدير اللجنة الخبرات السابقة / سنة 1998* مراسل من جامعة البليدة لجريدة الواحة الجزائرية سنة 2002* صحفي محرر بجريدة الواحة الجزائرية المكتوبة و الالكترونية 2003* صحفي مكلف بالتحقيقات والقسم القانوني بجريدة الواحة الجزائرية. * 2008*صحفي بأسبوعية الديار الجزائرية مكلف بالتحقيقات و عمود أوراق محقق صحفي بأسبوعية الخبر حوادث *ملحق الخبر الأسبوعي* صفحة توتير قيد الاعداد تابع جديد المدونة صفحة الفيس بوك قيد الاعداد نسعد بتلقي مراسلاتكم لا تترددوا بمراسلتنااقرأ المزيد من المواضيع في هذا القسم
1 التعليقات على هذا الموضوع
علق على الموضوع
الحزن القاتل في الشرق
مرت سنة كاملة بأشهرها ، أياما ،و ساعاتها على وفاة الشيخ الامام الجابري بولاية تبسة ، ولا أعرف هل اقول "وفاة " أم اغتيالا أم "قتل مع سبق الاهمال و اللامبالاة"،سوى ان الحقيقة الثابتة أنه رحل عن أولاده وزوجته و ترك لهم تركة كبيرة ، ليست مالا و لا عقارات بل "أحزان ".... وحقيقة مرة لا تغدو سوى ان تكون "وصية" كتبت بخط الروح المتعذبة بالمآسي عنوانها " ابحثوا عن وطن " ،أنها تركة ووصية لا يفهمها الغاوون و لا المتملقون بل يفهمها أصحاب الضمائر الحية الذين اكتتووا بفساد هذا البلد و هم لا يستطيعون العيش بالفساد و مال الحرام و دون ضمير ولا أخلاق و لا يحتملون التملق من أجل كسب حقوقهم.
.تتمة الموضوع
غير معرف
16 مايو 2011 في 10:50 ص
إنها مهنة المتاعب يا خالد .لا تنظر ورائك صديقي واصل تألقك بالشيء الذي تراه منطقيا .أعلم أن الحياة صعبة و من صعبها هم أمثال من حكيت عنهم لكن أنت تمارس المهنة كما يجب لأن هذه هي وظيفتها التي خلقت من أجلها .
أتمنى أن تجد فرصتك في هذه الحياة و أن ينصفك القدر بمساحة في جريدة محترمة تقدر مجهوداتك.