باعة الضمير مزاد لا ينته ...؟
السبت, أكتوبر 09, 2010 // 0 التعليقات // خالد بشار // القسم: هموم شخصية //نتساءل كل مرة و نحن نكتب عن ملف فساد و نتقصى حقائقه مثل أي مواطن شريف وحر ومهموم عن غياب هيئات المراقبة ، ويزداد التساؤل عمقا كلما كشفنا عن الحقائق و المعطيات و الكيفية دون أن تتحرك اي جهة لتتأكد مما نكتب… على الاقل لتحاسبنا و تدخلنا “سجن الجدران ” و تعاقب فينا بحثنا عن الخير والعدالة في المجتمع و إيماننا بوجود الامل ؟ لماذا هذا الصمت الرهيب ولماذا التواطؤ الأكبر لهذه الهيئات الصماء و العمياء التي صارت تشبه لجان مساندة الفساد ، “تصمت عن الشر وتغني له” كأن كاشف الفساد من عصر غير عصرهم و ضحايا الفساد نوعا من الكلاب الضالة ؟ لماذا نكتب أصلا… هل ليترقى الآخرون و الفاسدون؟ ،هل العيب في كتاباتنا ومهنتنا أم العيب في سلطة تبحث عن عكس ما يريد المواطن و يأمل ؟ أم ان الصحافة صارت وسيلة لكشف الفاسدين و ترقيتهم لأن السلطة تبحث عمن يريد قتل الشعب و ذبح كل امل فيه..؟هي أسئلة غبية و بريئة كما يعتقدها البعض لكنها جديرة بان يطرحها أي متابع للمجتمع وللمهنة .
أسأل نفسي دائما… من المسؤول عن هذه البرودة اللامتناهية لأصحاب المعالي و الفخامة و لا أكاد أشعر أنه يوجد في الدولة من يريد الخير لهذا البلد و لهذا الشعب حتى الشعب نفسه فهم أن الفساد صار” سنة “و هو في طريقه ان يكون “فرضا” لينعم الفرد بالعيش و لينال حقوقه ؟
أسأل نفسي دائما… من المسؤول عن هذه البرودة اللامتناهية لأصحاب المعالي و الفخامة و لا أكاد أشعر أنه يوجد في الدولة من يريد الخير لهذا البلد و لهذا الشعب حتى الشعب نفسه فهم أن الفساد صار” سنة “و هو في طريقه ان يكون “فرضا” لينعم الفرد بالعيش و لينال حقوقه ؟
لن أخرج عن نطاق الفساد لأضرب مثالا قويا يعكس ارقى ماوصلت اليه مافيا الفساد و في قطاع كتب له أن يحمل أخطر أنواع الفيروسات …هذا القطاع المسكين المريض و المشلول و العاجز الذي أخذ على عاتقه اسما على غير ما هو واقع ” التربية “ و في ولاية صارت رائدة في انتاج المفاجآت غير السارة و الكارثية اسمها ” الجلفة “، هناك حيث الرشوة صارت “فنا ” معترفا به ، و هناك حيث يأمل أي مسؤول و إطار سامي أن يكون على رأس أي قطاع في ترابها و أرضها و شعبها ، و هناك حيث يصنف قائل الحق “مهموكا” بلفظ العامة و قديما بلفط المثقفين ، هناك حيث الفساد محمي من طرف الوزارة و الحكومة و آل البيت المرادي ، فافعل ما شئت فأنت هناك لا قانون يعاقب ولا دولة تحمي الضعيف .
ليس بالجديد ولا بالخبر الغريب ماتناولناه من فساد وحرب لوبياته بالجلفة فالواقع المرير أكبر بكثير مما استطعنا الوصول اليه ، و المزايدات والمناقصات و المساومات افضع بكثير لا سيما الاخلاقية منها ، لكن الجديد في السيناريو تغير الأسماء والالقاب من مدير لأخر ومن لوبي لآخر ، مع بقاء اسم ذات الوزير الذي لا يستح ولا يتحرك ساكنا رغم كل الحقائق المنشورة والتقارير الخطيرة ، و هو يدرك تماما من الفاسد ومن الصالح إن بقى ” إطار صالح “ أصلا في وزارته ؟ وتجربتنا العام الماضي أكدت لنا أن كتاباتنا و تحقيقاتنا مجرد ديكور يريد الوزير أن يتسلى بقراءاتها لأنه يعلم ويريد أن يكون القطاع هكذا و التسيير هكذا ؟
جديد الفساد هذا العام في الجلفة ارتفاع نسبة الفساد و انضمام جماعات أخرى الى قائمة المبتزين و المناورين بعد تغيير ملك عرش القطاع الذي لم و لن يختلف عن سابقيه بدليل سيرته و مناوراته الأرضية في أول عهدته ، و المناورون الجدد من الطامعين في منصب مقابل الولاء والتستر هم اسماء كانت العام الماضي من قادة الحروب ضد الفساد و تحولت بقدرة قادر الى باحثة عن جاه ….وهذا ما تنفرد به الجلفة عن غيرها سواء بصحافتها أو نقاباتها أو كل انواع الجماعات الضاغطة والمعصورة …؟و لا تتفاجأ ان تغيرت المناصب و الأدوار ففي النهاية معيار المصلحة المحدودة هو من يحكم الحلبة ولا مكان لا للقيم ولا للضمير .
في العام الماضي “جن ” أحد الزملاء عندما تناولت تحقيقا حول مسابقة المساعدين التربويين وكشفت عن مناورات من أجل الظفر بمناصب ادارية ، ببساطة لأنه كان أحد المرشحين لهذا المنصب و كان يجعل من الصحافة سلاحا وزادا لتحقيق أحلامه ، و هذا الشخص الذي فقد المنصب جراء هذا المقال ،على حسب ما يعتقد، باع أخلاق المهنة و قتل مئات المرشحين والشباب من اجل تحقيق أحلامه حين تستر عن حقيقة مسابقات التوظيف سواء عن قصد أو اهمال ، وهذا الشخص الذي يفضل أن يصنفني في خانة ” القديم و المهموك ” قاد مؤامرات ضدي من أجل طردي من الجريدة لكن مؤامراته انقلبت عليه وكانت جولة خاسرة ، لسبب بسيط أن الحق ينتصر على الباطل و هذا السحر انقلب على حاشيته ، وكانت النتيجة أن خرج من الباب الضيق….هذا واحد من باعة الضمير و القيم مقابل شراء منصب و من المتآمرين الحالمين بكل شيء على حساب أي شيء، أما حكاياته ففيها “العجب العجاب” و لأمثاله أقول لا عجب فيكم فانتم من طبقة لا كرامة لها ولا أدمية لديها فالانانية والمصلحة المحدودة هي رأسمالها في الحياة .
في العام الماضي وصلتني رسالة عبر الايميل من فتاة تبارك التحقيق جاء فيها اعتراف خطير و فضيحة من النوع الثقيل عنوانها** ابتزاز ومساومة بالشرف** ببساطة لانها أرادت حقها في التوظيف بعد شقاء سنوات من الدراسة والتحصيل العلمي ، تقول فاطمة في رسالتها أن مبتزها رئيس مصلحة في مديرية الفساد أي ” التربية ” وتضيف انها رفضت عرضه و فضلت المكوث في بيتها مع دعوات للرب أن يعوضها ، و أردفت قائلة “بالله عليكم أكشفوهم وكان الله في عونكم ” ، طلبت من *فاطمة* على أقل معلومات دقيقة و حوار دون كشف اسمها لكنها رفضت فهي مقبلة على زواج ولا تريد أن تدخل متاهات حرب لا تعرف نهايتها ، أما عن مبتزها فكان واحدا من مؤطري الفساد كشفه التحقيق بالاشارة وبالمنصب لكن لا أحد تحرك و لا جهة رحمت فاطمة و صديقاتها في بلد يعتز بحفظ مكانة المراة “دون أن يحدد اي نوع من النساء ” يعتز و يفاخر؟ و هذه ضحية بائع ضمير….
في العام الماضي قاد أحد الرافضين لمناورات لوبي الفساد حربا ضد ما أفرزته إحدى مسابقات التوظيف وبعد أخذ ورد كان له ان يطالب بحق في غنيمة لاعتقاده أنها حقا من حقوقه ، وراح أكثر من ذلك حين صار يحدد نصيبه و يشهر به سيفا ، و هذا الرقم هو رسمة جديدة في فسيفساء هذا العام أمثاله في الجلفة كثيرون ممن غوت لهم أنفسهم و ادخلتهم دائرة الفساد رغم ظاهرهم المكافح لقضايا الفساد لكن لأغراض فاسدة لا علاقة لها بالخير ..وهذا لا أعرف تصنيفه سوى في خانة الذين لاقيم عندهم ولا يمكن الاعتماد عليهم أو الثقة فيهم او الاطمئنان الى تصرفاتهم .
في العام الماضي كثرت التعاليق من القراء عبر موقع الجلفة أنفو و على المباشر ،واختلفت من مناصر لتحقيقاتنا و معارض لها ، ومنهم من حملنا مسؤولية الفساد المتفشي واتهمونا بالتواطؤ والسكوت عن الحق وكأن في ايدينا الحل والربط ، دون ان يعلم هؤلاء اننا نكافح على عدة جبهات من اجل حماية أنفسنا و حماية الآخرين الذين لجأوا الينا ليمدونا ببعض المعلومات و هم تحت التهديد ، …لقد نزلوا فينا شتما و سبا و اتهاما بالتقصير لكن لم يسألوا أنفسهم ماذا فعلوا من أجل مساعدتنا في مكافحة هذا الفساد ؟ ماذا قدموا من أجل المجتمع و من أجل رفع الظلم ؟ أم أن عملهم التعليق والانتقاد فقط ؟ هل يعرفوننا أصلا كي يحكموا علينا ؟ هؤلاء ببساطة من المتخاذلين و المعقدين و منهم من فقد الأمل في كل شيء والثقة في كل المحبطين بهم وهؤلاء لن نلومهم على شتائمهم فنحن اعتدنا عليها ،وسنحاول غرس الأمل فيهم بدل الاحباط ،ونقول لهم اننا نكتب من اجل ان تكون مساحة العدل أكبر من مساحة الظلم و مساحة الحق اكبر من مساحة الباطل ، ونسعى بما لدينا و نستطيع… لكن لا تكلفوننا أكثر مما نستطيع بل ساعدونا من اجل الوصول الى الحق ، ولا تبيعوا ضميركم بانتقادنا وايقافنا بشتائمكم كي لا تكونوا نوعا جديدا من باعة الضمير .
في العام الماضي قاد بعض الزملاء مؤامرات دنيئة ضد ما تناولناه مستعملين كل أنواع السلاح ببساطة لأنهم صاروا ورقة مفضوحة امام القارئ رغم أنهم في جرائد كبيرة ، و كشفنا مالم يستطيعوا كشفه و أفسدنا عليهم صفقات البزنسة و التلاعب بمشاعر الخلق و المواطن ، وهؤلاء جبهة أخرى نكافحها و من الصعب أن نكتب عنهم كي لا نتهاون فيما هو اهم و أولوية في مهنتنا ،فهناك من أهدى البرنوس من أجل ازاحتنا من الطريق ولجأ الى عاهرات من اجل التوسط لإزاحتنا ، ودفع الغالي والنفيس من اجل القضاء علينا بالتواطؤ مع من لا علاقة لنا به سوى الصفاء والاخوة والمحبة في وقت يكن لنا الضغينة والكراهية بدون سبب، و لهؤلاء نقول أنتم باعة ضمير و تجار ذمم لا نستطيع ان نجاريكم في صفقاتكم لاننا لم نتعلم و لم نتربى مثلما تربيتم ودخلنا المهنة دون عقدة نقص من المستوى مثلما تملكون و ليست مشكلتنا انكم دخلتم المهنة بمستواكم النهائي ولا مانع أن نساعدكم لرفع مستواكم دون أن نبيع ضميرنا.
أنواع واصناف من البشر يشتركون في انهم باعة ضمير وقيم في مزاد طويل لا ينته ، يختلفون في مهنهم و مستواهم فهناك الصحفي والنقابي والاطار ، أما الصحفي فعقدته المستوى وسوء الفهم معتقدا أن المهنة فرصة للربح والاستثمار بمآسي الخلق و يعتقد انه تاجر فوق القانون وأن قلمه رأس مال ، وأما النقابي فهو “مبتز” إلا من رحم ربك و اما الاطارات فمصابين بفيروس من الصعب الشفاء منه ما دامت حاشية الفساد تحيط بهم من كل جانب ….وهكذا هو المزاد طويل طويل لا ينته في سوق الضمير …هداهم الله و انعمهم بالبصيرة فهم إخوة لا أعداء رغم كل الطعنات و الجراح ، لكن على القانون أن يأخذ مجراه ليرحم الضعيف من ظلم القوي و البريء من ظلم المجرم.
خالد بشار وليد
الموضوع نشر بتاريخ 8/7/2009
اعيد نشره بطلب من اخوة مدونين
نجاة للصحافة : بطاقة هوية
خالد بشار وليد صحفي مختص في التحقيقات شؤون العدالة تاريخ ومكان الازدياد : 17/05/1978 بالجلفة الشهادات الأكاديمية/ ليسانس في العلوم القانونية والإدارية من جامعة البليدة سنة 2000 شهادة الكفاءة المهنية للمحاماة من جامعة البليدة سنة 2001 /الإجازات الأكاديمية مذكرة تخرج بعنوان الإعلام كسلطة رابعة * دراسة تحليلية لواقع و أفاق الإعلام في الجزائر * بدرجة ممتاز مع تقدير اللجنة الخبرات السابقة / سنة 1998* مراسل من جامعة البليدة لجريدة الواحة الجزائرية سنة 2002* صحفي محرر بجريدة الواحة الجزائرية المكتوبة و الالكترونية 2003* صحفي مكلف بالتحقيقات والقسم القانوني بجريدة الواحة الجزائرية. * 2008*صحفي بأسبوعية الديار الجزائرية مكلف بالتحقيقات و عمود أوراق محقق صحفي بأسبوعية الخبر حوادث *ملحق الخبر الأسبوعي* صفحة توتير قيد الاعداد تابع جديد المدونة صفحة الفيس بوك قيد الاعداد نسعد بتلقي مراسلاتكم لا تترددوا بمراسلتنااقرأ المزيد من المواضيع في هذا القسم
0 التعليقات على هذا الموضوع
علق على الموضوع
الحزن القاتل في الشرق
مرت سنة كاملة بأشهرها ، أياما ،و ساعاتها على وفاة الشيخ الامام الجابري بولاية تبسة ، ولا أعرف هل اقول "وفاة " أم اغتيالا أم "قتل مع سبق الاهمال و اللامبالاة"،سوى ان الحقيقة الثابتة أنه رحل عن أولاده وزوجته و ترك لهم تركة كبيرة ، ليست مالا و لا عقارات بل "أحزان ".... وحقيقة مرة لا تغدو سوى ان تكون "وصية" كتبت بخط الروح المتعذبة بالمآسي عنوانها " ابحثوا عن وطن " ،أنها تركة ووصية لا يفهمها الغاوون و لا المتملقون بل يفهمها أصحاب الضمائر الحية الذين اكتتووا بفساد هذا البلد و هم لا يستطيعون العيش بالفساد و مال الحرام و دون ضمير ولا أخلاق و لا يحتملون التملق من أجل كسب حقوقهم.
.تتمة الموضوع